
بقلم مروان مسلم
مع ما يشهده العالم حولنا من كوارث طبيعية وزلازل وفيضانات وحروب، يتزايد الطلب على العمل الخيري والإغاثي والإنساني، ويتطلب ذلك الكثير من الجهود الدولية للوصول إلى المتضررين والمحتاجين.
وهنا تظهر الحاجة الكبرى لما يسمى بالدبلوماسية الخيرية، وهو مصطلح يشير إلى جهود دبلوماسية تستخدم لتحقيق أهداف إنسانية وخيرية. تتضمن هذه الجهود استخدام الدبلوماسية والعلاقات الدولية لتعزيز العمل الخيري والمساهمة في حل مشاكل إنسانية واجتماعية.
تستخدم الدبلوماسية الخيرية عادة من قبل المنظمات غير الحكومية (NGOs) والجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية لتحقيق أهدافها.
هناك العديد من الطرق التي يمكن بها استخدام الدبلوماسية الخيرية، بما في ذلك:
الدبلوماسية الخيرية تلعب دورًا هامًا في تعزيز التعاون الدولي لحل القضايا الإنسانية والاجتماعية، وتحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات المحتاجة، ويُعتبر الجانب الدبلوماسي مهمًا في دعم وتعزيز العمل الخيري على المستوى العالمي، حيث يسهم في توجيه الاهتمام الدولي وتوجيه الموارد إلى المشاريع والمبادرات الإنسانية ذات الأولوية.
ولقد ظهر جلياً في زلزال تركيا وسوريا 2023م؛ الجهود الجبارة للجمعيات الخيرية الإسلامية والدولية وذلك على كل الأصعدة، فتجد من اهتم منهم في المجال الإغاثي بصورة تقديم معونات مادية وغذائية، ومنهم من اهتم في مجال إقامة المخيمات والمساكن، ومنهم من اهتم بمجال الإسعاف الطبي والنفسي وما بعد الصدمة، ومنهم من اهتم بمجال البحث والتنقيب عن المصابين والمتوفين تحت الأنقاض، ومنهم من اهتم بتحشيد الناس في المناطق البعيدة عن الزلزال وحثهم على التبرع بالمال والمواد والجهد...
لقد شاهدنا صورة رائعة أيضاً من الدمج بين العمل الدبلوماسي الرسمي والعمل الدبلوماسي الشعبي في شتى دول العالم، تظافرت معها كل أشكال التعاطف الرسمي من الدول بكل الصور السابقة، وتعاطف شعبي كذلك، ومن تلك الصور مبادرات شبابية ونسائية، هيئات خاصة وعامة، جمعيات خيرية وإغاثية، أطباء بشريين ونفسيين وتمريض، حتى التكنولوجيا ومهتميها (مثل كاميرات حرارية، وكاميرات بأسلاك طويلة تدخل داخل الأنقاض، وكاميرات بموجات فوق حمراء، وكاميرات الدرون وغيره من التقنيات).
حتى وصلت لشركات النقل والطيران بتقديم طيران مجاني من وإلى المناطق المتضررة بالزلزال.
نسأل الله الرحمة للمتوفيين، والشفاء العاجل للجرحى، وأن يعوض على كل من تهدم له بيت، ونسأل الله الأجر لكل من ساهم بجهده وماله ووقته.
تسعى الدبلوماسية الخيرية الإنسانية إلى جمع أصحاب الأيادي البيضاء والقلوب الرحيمة مع المحرومين والمعوزين والمحتاجين في ظاهرة إنسانية جميلة يكون الجميع فيها رابحاً؛ حيث تتولد عند أهل الخير والعطاء مشاعر البر والإحسان فيتعزز لديهم الالتزام الجاد تجاه رفع المعاناة عن إخوانهم الفقراء والأقل نصيباً من حظوظ الدنيا، كما يبعث هذا التلاقي في نفوس المحرومين الطمأنينة والأمل في حياة كريمة.
والراصد لهذه الدبلوماسية يجد أنها تشمل العمل الإنساني بشقيه الإغاثي وهو الاستجابة السريعة لفواجع الدهر وكوارث الطبيعة كالزلازل والفيضانات والحروب وغيرها، والشق التنموي وهي المشاريع الكبرى التي تهدف إلى إعادة بناء ما خلفته تلك الأزمات، ومبادرات تعمير المدن والقرى والمجتمعات المدنية.
ومن خصائص هذه الدبلوماسية: الشمول والتكامل، حيث تنفذ المؤسسات الإنسانية والخيرية مشاريع تُكمِّل بعضها البعض بحسب المتطلبات التنموية في كل قُطْر، ومن خصائصها هذا التنسيق الرائع بين الجهات المعنية بالعمل الإنساني والتنموي.