
منذ نهاية القرن الماضي و مطالع الألفية، تشعبت اهتمامات منظمة الأمم المتحدة لتشمل تقريبا كل التحديات التي تواجه البشرية جمعاء، و حتى تلك القضايا التي لا تهم إلا تجمعات بشرية صغيرة الحجم، ومن القضايا التي نالت الحظ الأوفر من اهتمام المنظمة، قضايا حقوق الإنسان، حيث يقف الباحث اليوم، على ترسانة من الصكوك الدولية، و مجموعة كبيرة من الأجهزة و الهيئات الفرعية، فضلا عن عشرات الإجراءات و الآليات التي تحدد مسارات متعددة لتحقيق الانتصاف و العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.
وتنحاز منظمة الأمم المتحدة بشكل موضوعي لتعزيز حقوق الشرائح الضعيفة في المجتمع، كذوي الاحتياجات الخاصة، النساء، و الأطفال، و لهذه الشرائح أفردت اتفاقيات دولية خاصة، تضمنت آليات للإشراف و إمكانيات قانونية للشكوى لفائدة ضحايا انتهاكات الحقوق المشمولة بحماية هذه الصكوك. وفي الحقيقة تشكل آليات حماية حقوق الإنسان التي تتضمنها الصكوك الأساسية لحقوق الإنسان، جزءا من منظومة متكاملة طورتها المنظمة على مدار عشرات السنوات، ويطلق على هذه الآليات " الآليات التعاهدية " نسبة إلى تعاهد الدول على احترام حقوق الإنسان المنصوص عليها في الاتفاقية محل التوقيع و/أو المصادقة، و لما كان هذا النظام لا يسري إلا على الدول المتعاهدة مسبقا على الالتزام ببنود الاتفاقيات الموقعة، فإن الأمم المتحدة طورت نظاما مكملا آخر، يسمح بالنظر في حالة احترام حقوق الإنسان بالنسبة للدول التي لم توقع أو تصادق على اتفاقيات حقوق الإنسان، و أطلق على هذا النظام " الآليات غير التعاهدية ".
وفق هذه الإزدواجية، سوف نعرض للآليات التي تتيحها منظمة الأمم المتحدة لمكافحة جريمة اختطاف الأطفال، و هذا يحيلنا إلى الإطار القانوني الذي توفره اتفاقية حقوق الطفل و البروتوكولات الثلاث الملحقة به، كآليات تعاهدية أممية (المبحث الأول)، كما يحيلنا إلى الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التي تختص بالأطفال (المبحث الثاني)، و سوف نتطرق لوضعية الجزائر من حيث التوقيع و/أو المصادقة على الصكوك الدولية المتعلقة بالموضوع، ونرصد أي تطرق للجزائر في تقارير لجنة حقوق الإنسان، و تقارير المقررين الأمميين الخاصين على مستوى مجلس حقوق الإنسان، و هل تم تسجيل شكاوى فردية أو بلاغات بين الدول ضد الجزائر في هذا الصدد.