
بقلم د.مروان مسلم
لم أكن أعرف أن فكرة صغيرة يمكن أن تغيّر حياتي.
كل ما كنت أملكه، في ذلك الوقت، هو دفترٌ قديم، وشغف لا أعرف مصدره. كنت أرى مشكلات حولي لا يتوقف الناس عن التذمّر منها، وكنت دائمًا أسأل نفسي: "لماذا لا نحلها؟ لماذا لا نبدأ؟"
هكذا، بدأت رحلتي مع ريادة الأعمال.
لم يكن هناك شيء واضح… لا خارطة طريق، ولا ضمانات. فقط شعور داخلي يقول: "جرّب، يمكن أن تنجح".
ورغم أن الخوف كان حاضرًا، إلا أن الفضول كان أقوى.
ريادة الأعمال ليست مشروعًا… بل موقف من الحياة
في البداية، ظننت أن ريادة الأعمال تعني تأسيس شركة، أو تصميم منتج، أو فتح متجر إلكتروني. لكنني اكتشفت شيئًا أعمق:
الريادة ليست "ما" تفعل، بل "كيف" ترى الأمور.
الريادي يرى الفرص في قلب الأزمات، يسمع صوت الاحتمال وسط الضجيج، ويؤمن أن كل مشكلة هي بداية لفكرة عظيمة.
ليس كل شيء ورديًا
صادفت تحديات كثيرة: تمويلي محدود، أفكاري لم تُفهم دائمًا، والمحيط لم يكن مشجعًا.
في كل مرة أتعثر، كنت أعود وأراجع: هل هذا ما أريد؟
وكان الجواب دائمًا: نعم… لأني لا أبحث عن وظيفة، بل عن أثر.
تعلمت أن الريادة لا تعني أن تسير بسرعة، بل أن تستمر. لا تعني أن تكون الأذكى، بل أن تكون الأكثر إصرارًا
في لحظة ما… تحوّلت الفكرة إلى واقع
شيئًا فشيئًا، بدأت النتائج تظهر.
وجدت من يؤمن بي، من يدعمني، من ينضم إليّ.
رأيت فكرتي تصبح منتجًا، والمشروع الصغير يصبح مصدر دخل، والجهد الطويل يبدأ في صناعة الفرق.
حينها فقط، عرفت معنى الرضا الحقيقي… ليس في الأرقام، بل في رؤية شيء وُلد من قلبك يكبر أمامك.
هل هي رحلة لكل الناس؟
أعتقد أن كل إنسان يمكن أن يكون رياديًا… لكن ليس كل أحد مستعد ليدفع الثمن.
الثمن هو أن تعمل حين يرتاح الآخرون، أن تظل مؤمنًا حين يشكك الجميع، أن تحتفل بتقدم صغير بينما الآخرون يركضون نحو أهداف كبيرة.
الريادة ليست بطولة… بل التزام، مسؤولية، واستعداد للمخاطرة من أجل حلم تستحقه.
وفي النهاية…
ريادة الأعمال ليست حكاية نجاح دائم، لكنها حكاية نضج وتحوّل.
هي أن تسأل نفسك يومًا: "ماذا لو جرّبت؟" ثم تجرؤ وتبدأ.
هي أن تفشل مرة، فتتعلم، ثم تحاول من جديد… لا لأنك لم تتأذّ، بل لأنك أصبحت أقوى.
كل رائد أعمال يعيش قصته بطريقته، لكن القاسم المشترك بينهم جميعًا:
أنهم لم ينتظروا العالم ليتغيّر… بل قرروا أن يكونوا هم التغيير.